اختلاف استجابة الدماغ باختلاف التمرينات الرياضية

إن لممارسة التمرينات الرياضية أثرٌ رائعٌ على صحة الدماغ. ولكن مثلما تؤثر أشكالٌ مختلفةٌ من النشاط البدني على أجزاءٍ مختلفةٍ من الجسم. يمتد تأثير التمرينات الرياضيةإلى أجزاءٍ مختلفةٍ من الدماغ أيضًا. في مجلةBrain Plasticity ، درس الباحثون كيفية تأثير التمارين العالية أو المنخفضة الشدة على شبكاتٍ وظيفيةٍ معينةٍ داخل الدماغ أثناء الراحة بعد التمرين.

يعزّز النشاط البدني العمليات العاطفية والمعرفية والانتباه في الدماغ في الدقائق والساعات التي تلي التمرين. والتي يعتقد الباحثون أنها قد تكون ناجمة عن تغيرات في النشاط العصبي المتماسك، والمعروف باسم “الاتصال الوظيفي في حالة الراحة ” (rs-FC). إذ وجدت الدراسات السابقة زيادة في (rs-FC) بعد التمارين المتكررة طويلة المدى.

ووجد الباحثون أن 16 أسبوعًا من التمرين نتج عنها زيادة في الـ (rs-FC) بين التلفيف الحصيني الأيمن والمناطق الحركية والحسية والمنظمة للمزاج. في حين أنهم ربطوا 12 أسبوعًا من التمرين بزيادة الاتصال الوظيفي الذي أدى إلى تحسين الأداء الحركي.

تأثير التمرينات الرياضية منخفضة وعالية الشدة على الدماغ

شملت الدراسة التي أجراها باحثون في مستشفى جامعة بون، ألمانيا 25 رياضيًا كانوا يمارسون الرياضة ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع لمدة 45 دقيقة خلال العامين الماضيين.

وقد مارس المشاركون التمارين منخفضة وعالية الكثافة مدة 30 دقيقة في أيامٍ متفرقة. وتم استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لحالة الراحة (rs-fMRI) لمراقبة الاتصال الوظيفي في الدماغ.

كما قام المشاركون بملء استبيانات تتعلق بمزاجهم قبل وبعد جلسات التمرين. وبينما أدى كلا النوعين من التمارين إلى تحسّنٍ كبيرٍ في الحالة المزاجية الإيجابية ولم يحدث تغيرات في المزاج السلبي. لوحظ اختلاف في شبكات الاتصال الوظيفية.

فبعد التمرين منخفض الشدة على وجه التحديد، زاد الاتصال الوظيفي المرتبط بالمعالجة المعرفية والانتباه. بينما أدى التمرين عالي الشدة إلى زيادة الاتصال الوظيفي في الشبكات المشاركة في العمليات العاطفية. وتقليل الاتصال الوظيفي في الشبكات المرتبطة بالوظيفة الحركية. نستنج أن التمرينات الرياضية مهمة جدا لصحة الدماغ.

الدماغ والتمرينات الرياضية

إقرأ ايضا : أفكار لممارسة التمارين المنزلية خلال الحجر الصحي.

التمارين عالية الشدة تقوّي الذاكرة

يفيد التمرين عقلك وحالتك المزاجية من خلال آلياتٍ متعددة. بما في ذلك إنشاء خلايا عصبية جديدة مستثارة إضافةً إلى خلايا عصبية جديدة لإطلاق الناقل العصبي حمض غاما أمينوبوتيريك (GABA). والذي يمنع إطلاق الخلايا العصبية الزائدة، مما يؤدي إلى حالةٍ من الهدوء.

وهذا مشابه للطريقة التي تعمل بها الأدوية المضادة للقلق. باستثناء أن فوائد تحسين الحالة المزاجية من التمارين تحدث مباشرة بعد التمرين وتستمر على المدى الطويل.

وإلى جانب تحسين الحالة المزاجية، تساعد التدريبات عالية الشدة على تعزيز وظائف الذاكرة من خلال تحسين وظيفة الحُصين.

علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بأكبر قدر من اللياقة البدنية لديهم زيادات أكبر في عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF). والذي يدعم نمو خلايا الدماغ وبقاءها على قيد الحياة.

ومن الممكن أن تلعب التمارين عالية الكثافة أيضًا دورًا في تقليل خطر الإصابة بالخرف بما في ذلك مرض الزهايمر. أو تحسين الذاكرة لدى الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالفعل بهذه الحالة.

أثر تحسين لياقة القلب والأوعية الدموية على للدماغ

الحفاظ على اللياقة أمرٌ ضروريٌ للصحة. ومن أنواع اللياقة البدنية لياقة القلب والأوعية الدموية، والتي يمكن استخدامها كمقياس لمدى تدفق الدم إلى القلب والعقل. كشف باحثون من جامعة جوتنبرج في السويد أن النساء اللواتي يتمتعن بأعلى لياقة للقلب والأوعية الدموية لديهن احتمالية أقل بنسبة 88٪ للإصابة بالخرف مقارنة بالنساء ذوات اللياقة البدنية المتوسطة.

إلا أن الحفاظ على ​​لياقة متوسطة أمرٌ مفيدٌ كذلك. إذ أن النساء ذوات اللياقة البدنية الأقل معرضات لخطر الإصابة بالخرف بنسبة 41٪ مقارنة بالنساء ذوات اللياقة البدنية المتوسطة. من المحتمل في الواقع أن تحمي التمارين الرياضية واللياقة الجيدة للقلب والأوعية الدموية أنسجة المخ مع التقدّم في العمر.

وكشفت الأبحاث أن التمرينات تمنع انكماش الدماغ المرتبط بالعمر. ما يحافظ على المادة الرمادية والبيضاء في القشرة المخية بأجزائها الأمامي والصدغي والجداري. وبالتالي يمنع التدهور المعرفي.

قوة عضلات الساقين ترتبط بصحة الدماغ

تلعب تمرينات القوة أيضًا دورًا مفيدًا في صحة الدماغ. ويشمل ذلك تمرينات عضلات الساقين. فعدم القدرة على أداء تمارين تحمّل الوزن لا يؤدي إلى فقدان كتلة العضلات فحسب، بل يؤثر على كيمياء الجسم. مما يؤدي إلى تدهور النظام العصبي والدماغ أيضًا.

ووجدت الأبحاث أن هناك صلة بين قلة ممارسة الرياضة وعدم استخدام العضلات والتمثيل الغذائي في الدماغ. والعكس صحيح أيضًا، فتحريك العضلات وتقويتها يفيد الدماغ.

اليوغا تحسّن صحة الدماغ

أفضل أنواع التمرينات الرياضية التي تحسن صحة الدماغ هي تلك التي تتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة. فالأشكال المختلفة من الأنشطة تقدم فوائد مختلفة. وهذا لا يختلف عن اليوغا التي تقدم فوائد عديدة لصحة الدماغ بما في ذلك زيادة حجم المادة الرمادية.

فمن خلال الجمع بين وضعيات الجسم وتمارين التنفس والتأمل، تقدم اليوغا شكلًا فريدًا من النشاط للعقل والجسم. ما يؤدي إلى فوائد نفسية كبيرة بما في ذلك “تحسين حالات الاكتئاب والقلق”.

وتشير الدراسات إلى أن ممارسة اليوغا لها تأثيرٌ وقائيٌ للأعصاب ضد تدهور المادة الرمادية للدماغ بالكامل المتعلق بالعمر. كما كشفت الدراسات أن زيادة الخبرة (سنوات ممارسة اليوغا) كان لها تأثيرٌ متفاوتٌ على الدماغ مقارنةً بزيادة الساعات الأسبوعية من ممارسة اليوغا.

كما ساهمت تمارين التنفس والتأمل ووضعيات الجسم المختلفة في التغييرات الهيكلية لمناطق الدماغ الأربعة المرتبطة بكمية ممارسة اليوغا الأسبوعية. ووجدت دراسة أن تمرينات اليوغا يمكن أن تخفف من الأمراض العصبيّة التنكسيّة والتدهور المعرفي الناجم عن التقدم في العمر.

اليوغا والداغ

من الواضح أن ثمة فوائد لا تُحصى يمكن جنيها من أشكال التمارين المختلفة. بدءًا من تمارين الهيت (HIIT) والتدريبات منخفضة الشدة إلى تمرينات القوة واليوغا. سيؤدي التنويع في الأنشطة المختلفة وتناوبها بانتظام في روتين لياقتك البدنية إلى إبقاء عقلك وجسمك حادًا وقويًا خلال جميع مراحل حياتك.

المقالات ذات الصلة

التشنج المؤلم للعضلات القطنية

نصائح لممارسة التمارين في الطقس الحار بأمان (بالإضافة إلى فوائدها)

سبع أفكار لممارسة تمرين الاندفاع في المنزل

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقرأ المزيد