تأثير البدانة على الدماغ

تضاعفت معدلات السمنة ثلاث مرات في جميع أنحاء العالم منذ عام ١٩٧٥. وبحلول عام ٢٠١٦ كان ما يقارب ٣٩% من البالغين يعانون من زيادة الوزن. بينما كان ١٣% يعانون من البدانة. وفي حين لا يخفى على أحد أن البدانة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لا يدرك الكثيرون أن البدانة لها تأثير سلبي على الدماغ.

وإلى جانب ذلك فإنّ معدلات الاضطرابات التنكسيّة العصبيّة – بما في ذلك الخرف – آخذةٌ في الارتفاع. إذ أنّ من المتوقع أن يبلغ عدد المصابين بالخرف بحلول عام ٢٠٥٠ ما يُقدّر بـ ١١٥ مليون شخص. ومن المحتمل أن سبب ذلك يعود إلى تزايد معدلات البدانة.

البدانة قد تؤدي لانكماش حجم الدماغ

وجدت الأبحاث المنشورة في Radiology أن البدانة قد تؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ وانكماش مناطق معيّنةٍ فيه. إذ أن ارتفاع نسبة الدهون الكلية في الجسم ارتبط بانخفاض حجم المادة الرمادية في الدماغ.

والمادة الرمادية هي الطبقة الخارجية للدماغ المرتبطة بوظائف الدماغ عالية المستوى مثل حلّ المشكلات واللغة والذاكرة والشخصية والتخطيط والحكم.

كما أظهرت الأبحاث السابقة أيضاً أن الأشخاص الذين يعانون من البدانة لديهم مستوياتٌ أعلى من لويحات أميلويد – بيتا‏ (Amyloid beta) في الدماغ التي ترتبط بمرض الزهايمر. مقارنةً بالأشخاص غير البدينين.

السمنة في منطقة البطن ترتبط بانكماش الدماغ

تم ربط الدهون الزائدة في الجسم بتغيّرات الدماغ لعقودٍ طويلةٍ. وفي عام ٢٠١٠ وجد الباحثون أن الدهون الحشوية (الدهون الموجودة في منطقة البطن) مرتبطةٌ بانكماش حجم الدماغ. حتى بين البالغين الأصحاء في منتصف العمر.

كيف تؤذي البدانة الدماغ؟

ترتبط البدانة بالالتهاب الذي من شأنه أن يزيد خطر الإصابة بالخرف. كما ترتبط المستويات الأعلى من المؤشرات الالتهابية أيضاً بانكماش حجم الدماغ. إضافةً إلى “ضمورٍ أكبر مما هو متوقع بالنسبة للعمر”.

ويعتقد الباحثون أنّ الدهون الكلية في الجسم قد تترافق سلباً مع حجم الدماغ وسلامة البنية المجهرية بسبب الالتهاب الجهازي الأساسي. وقد أظهرت دراسة فرامنغهام للقلب أن العديد من المؤشرات الحيوية الالتهابية المرتبطة بالبدانة ترتبط أيضاً بنقص حجم الدماغ.

يُعتقد أيضاً أن مقاومة الأنسولين – وهي السمة المميزة للبدانة – لها دورٌ في ضعف الإدراك ومرض الزهايمر. ويرتبط كل من مرض السكري ومستويات الجلوكوز المرتفعة أثناء الصيام بانخفاض الحجم الكلي للدماغ. كما أنّ الارتفاع الطفيف في نسبة السكر في الدم يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بالخرف.

وأوضح الباحثون في مجلة نيو إنجلاند الطبية (NEJM) أن “مستويات الجلوكوز المرتفعة قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بالخرف من خلال العديد من العوامل. بما في ذلك ارتفاع سكر الدم الحاد والمزمن ومقاومة الأنسولين وزيادة أمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الجهاز العصبي المركزي.

كما تتمثل أحد مخاطر الدهون الزائدة في الجسم (الدهون الحشوية على وجه التحديد) في إفراز البروتينات والهرمونات التي يمكن أن تسبب الالتهابات. والتي بدورها يمكن أن تتلف الشرايين وتدخل الكبد. الأمر الذي يؤثّر على طريقة تكسير الجسم للسكريات والدهون.

ووفقاً لدراسةٍ تم نشرها في دورية Annals of Neurology. يمكن للهرمونات المشتقة من الأنسجة الدهنية أن تلعب دوراً في العلاقة بين الأنسجة الدهنية وضمور الدماغ. علاوةً على ذلك فقد تترافق السمنة أيضاً مع انكماش حجم مناطق الدماغ التي تنظّم توزيع المكافأة الغذائية. وربما تسبّب الإفراط في تناول الطعام.

إقرأ ايضاً: زيادة الوزن لدى الاطفال : مشكلاتها وطرق حلها.

البدانة تسرّع شيخوخة الدماغ والحل “حمية الكيتو”

في دراسة تم نشرها في مجلة Neurobiology of Aging تمت ملاحظة تغيّرات هيكلية في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والبدانة. وهي تغيرات تظهر عادةً لدى الأشخاص المتقدمين في العمر. وفي هذه الحالة انخفض حجم المادة البيضاء بتأثير البدانة. الأمر الذي أدى إلى زيادةٍ في عمر الدماغ تقدّر بعشر سنوات.

وتتزايد الأدلة التي تثبت أن البدانة تزيد من خطر الإصابة بالتنكّس العصبيّ. ليس فقط بسبب الالتهاب بل كذلك نتيجةً لزيادة الإجهاد التأكسدي. ومن ناحيةٍ أخرى قد يساعد تقييد السعرات الحرارية أو الصيام واتباع حمية الكيتو في حماية الدماغ ومقاومة الشيخوخة.  

نظام الكيتو الغذائي هو نظامٌ غنيٌّ بالدهون الصحية ومنخفض الكربوهيدرات (إجمالي الكربوهيدرات مطروحاً منها الألياف).

تدفع حمية الكيتو الجسم إلى البدء بحرق الدهون كوقودٍ أساسيٍّ له بدلاً من السكر. وعندما تحترق الدهون ينتج عنها ما يسمى بالكيتونات التي يمكن للجسم استخدامها كوقودٍ ممتازٍ للدماغ. تولّد الكيتونات أيضاً كميةً أقل من أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS).

وقد أظهرت العديد من الأبحاث الحديثة فوائد حمية الكيتو لصحة الدماغ. إذ وجد الباحثون أن نظام الكيتو يحسّن وظيفة الأوعية الدموية العصبية عن طريق تحسين ميكروبات الأمعاء.

وأجرى الباحثون دراسةً لمعرفة تأثير حمية الكيتو على الحيوانات. فخلصوا إلى أن الكيتو كان بمثابة “ينبوع الشباب”. فهو يعمل على تحسين وظائف الأوعية الدموية والأيض بشكلٍ ملحوظٍ. كما يساعد إطلاق الكيتونات في مجرى الدم على الحفاظ على وظائف الدماغ. ويحمي من ضعف الإدراك والأمراض العصبية التنكسيّة الأخرى.

حمية الكيتو

نصائح لتجنب البدانة وتقوية الدماغ

يساعد اتباع حمية الكيتو على حماية الدماغ من أضرار الجذور الحرة. ويزوّد الخلايا بالوقود المفضّل لها. كما يساعد أيضاً على إنقاص الوزن وتجنّب البدانة. ومن العوامل التي تساعد على ذلك أيضاً النوم الجيد.

إذ يمكن أن يكون لمشاكل النوم مثل الأرق تأثيرٌ واضح على الدماغ بمرور الوقت. فقد تؤدي إلى انكماشه بسرعةٍ أكبر لدى من يعانون من الحرمان من النوم مقارنةً بمن يحظون بنومٍ جيدٍ. وفي الوقت نفسه يرتبط النوم لمدة تقل عن خمس ساعاتٍ في الليلة بزيادة معدل اكتساب دهون البطن.

ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات هرمون التوتر الكورتيزول في الدم إلى إضعاف مهارات التفكير والذاكرة بمرور الوقت. فقد ربطت الأبحاث السابقة الإجهاد المزمن بضعف الذاكرة وزيادة خطر الإصابة المبكرة بمرض الزهايمر.

قد يزيد الإجهاد المزمن أيضاً من خطر زيادة الدهون الحشوية بمرور الوقت. وهذا يعني أن تخفيض مستوى التوتر أمرٌ ضروريٌّ للدماغ وللحفاظ على وزنٍ مثاليٍّ.

لذا فإن إجراء تغييراتٍ إيجابيةٍ في نمط الحياة، بما في ذلك اتباع حمية الكيتو والحصول على نومٍ جيدٍ والتخلّص من التوتر. قد يساعد في الوصول إلى الوزن المثالي والحفاظ على صحة العقل.

المقالات ذات الصلة

حليب الغنم وحمية الكيتو

تطهير الكبد من السموم

الإضافات المعتمدة في حمية الكيتو

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقرأ المزيد