فوائد الشعور بالامتنان لصحة الجسم والعقل (وكيف تمارسه)

بقلم جيليان ليفي، CHHC

ما هي إحدى أبسط الطرق التي تجعلك أكثر سعادةً ؟ ابحث عن المزيد من الأشياء التي تمتن لوجودها في حياتك ومارس الامتنان .

لا يرتبط الشعور بالامتنان بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب فحسب ، بل يرتبط أيضاً بازدياد الرفاه العام . ولطف التعامل . والرضا عن العلاقات . وكذلك علامات الصحة الجسدية .

ما هو الامتنان؟

ما الذي يعنيه الامتنان بالضبط ؟ يُعرَّف الامتنان على أنه “صفة الشُّكر”.

الامتنان يعني الاستعداد لإظهار التقدير لشيء ما والقدرة على التعبير عنه . اشتُقّت كلمة الامتنان نفسها من الكلمة اللاتينية gratia . والتي تعني اللطف أو الرقّة أو الامتنان .

هل الامتنان عاطفة ؟

هل الامتنان شعوراً أو عاطفةً مؤقتةً . إنه مزاجٌ وسمةٌ شخصيةٌ. بالإضافة إلى كونه ممارسةٌ.

نظراً لعوامل عدّة . منها تأثير الوراثة على شخصية المرء . يُعتقد أن بعض الأشخاص بطبيعتهم يَسهل عليهم الشعور بمزيد من الامتنان . في حين يستدعي ذلك من غيرهم جهداً أكبر. 

وفقًا لعلماء النفس . قد يكون لـ “العاطفة الاجتماعية” التي تتمثل بالامتنان العديد من الفوائد , مثل المساعدة على تقوية العلاقات . وتعزيز احترام الذات والصحة النفسية إجمالاً . كما يمكن أن يُسهم الشعور بالامتنان في ازدياد شعور الناس بالسعادة . ودفع الشعور بالوحدة والغيرة وغيرها من المشاعر السلبية .

يعتقد علماء الأجناس البشرية (الأنثروبولوجيا) أن للامتنان جذور متأصلّة في التاريخ التطوري . إذ ساعد البشر على البقاء من خلال ارتباط بعضهم ببعض في أوساطهم الاجتماعية . وتشجيعهم على تقديم العون للآخرين وتلقي العون في المقابل .

أظهرت دراسات أنه عندما يشعر شخصٌ ما بالامتنان . تنشط مناطق معينةٌ في الدماغ . ويتضمن ذلك أجزاء من قشرة الفص الجبهي التي تسمح بالتفكير وتعمّق الإحساس عند تخيّل التجارب المستقبليّة .

الفوائد الصحية:

إليك أبرز فوائد الشعور بالامتنان بناءً على الأبحاث الحديثة:

1- يقي الامتنان من الإصابة بالاكتئاب ويعزّز الشعور بالسعادة :

دراسة في مجلة علم النفس الإيجابي (Journal of Positive Psychology) . وحقق الباحثون في العلاقة بين الامتنان وصحة الإنسان في أكثر من 50 دراسة . فوجدوا أن الامتنان مرتبطٌ بمستوياتٍ أعلى من الرفاه العاطفي والاجتماعي والمزيد من المشاعر العاطفية الإيجابية . مثل السعادة والازدهار والرضا عن الحياة.

ووفقاً لأبحاث حديثة . فقد أدى تقديم رسالة شكر وامتنان لشخصٍ لم يحظَ بالشكر الذي يستحقه على لطفه إلى ازديادٍ كبيرٍ في معدلات السعادة لديه على الفور. واستمر ذلك مدة أسابيع، أي أن تأثيرها دام أكثر من أيّ مبادرةٍ أخرى .

وفي دراسةٍ أخرى . أُلحق طلاب ممن يتلقّون الخدمات الاستشارية بمجموعةٍ كُلّفت بكتابة رسالة شكرٍ لشخصٍ آخر كلّ أسبوع مدة ثلاثة أسابيع . وكُلّف بعضهم الآخر بكتابة أفكارهم العميقة ومشاعرهم حول التجارب السلبية التي مرّوا بها . فأفادت الدراسة بتحسنٍ ملحوظٍ للصحة النفسية لدى أولئك الذين كانوا يكتبون رسائل الشكر . وتجلّى ذلك بعد أربعة أسابيع أو 12 أسبوع من انتهائهم من تمرين الكتابة هذا. 

وخلص الباحثون إلى أن هذه البيانات . بالإضافة إلى أدلةٍ مستمدةٍ من دراساتٍ أخرى . تفيد بأن الكتابة للتعبير عن الامتنان قد تكون نافعةً لمن يعانون من مشاكل صحيةٍ نفسيةٍ مثل الاكتئاب . حتى لو كانوا يتلقون بالفعل المشورة النفسية.

2- يقلل الامتنان من الإجهاد والقلق:

يبدو أن الأشخاص الذين يبذلون جهداً ليكونوا أكثر امتناناً يجيدون التعامل مع الشدائد. ومواجهة القرارات أو المواقف الصعبة أكثر . لأنهم يركّزون على الإيجابيات وينظرون إلى التحديات على أنها دروسٌ مفيدةٌ، بل ويرونها نعمةً لا نقمةً عليهم.

وتشير المعطيات الإجمالية إلى أن ممارسة الامتنان يمكن أن تزيد المناعة النفسية ضد الإجهاد المزمن. وأعراض القلق. واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). والتعاسة. فعند التفكير في العوامل الإيجابية للماضي والحاضر . يكون الناس أكثر ميلًا إلى التفاؤل والأمل حيال المستقبل.

3- يحسّن الامتنان من العلاقات:

غالبًا ما يجعل التعبير عن الامتنان الأشخاص أكثر ارتباطاً بشيءٍ أكبر منهم . فالشعور بالامتنان لحياتك يقلّل أيضاً من احتمالية شعورك بالحسد وميلك إلى السخرية والنرجسية . والتي من شأنها إلحاق الضرر بالعلاقات وتقليل السعادة .

يرقى الامتنان بالأشخاص ويجعلهم أفضل سواء كانوا أفراد أسرة . أو أزواج . أو طلاب أو موظفين . وأظهرت دراسةٌ أجريت عام 2016 أن احتفاظ الطلاب بمفكّرة يومية للامتنان زادت من شعورهم بالانتماء بين الطلاب الآخرين.  

وخلصت دراسات أخرى إلى أن تعبير المديرين عن الامتنان من شأنه أن يحفّز الموظفين ليكونوا أكثر إنتاجيةً في العمل . وذلك لشعورهم أن عملهم محطّ اهتمامٍ وتقديرٍ.

4- يشجع الامتنان على خيارات أكثر صحيةً/ الرعاية الذاتية

ثمة أدلة تشير إلى أن ممارسة الامتنان قد يكون له آثار إيجابيةٌ طويلة الأمد عندما يتعلق الأمر بتعزيز الخيارات الصحية – مثل تناول نظامٍ غذائيٍّ غنيٍّ بالعناصر الغذائية . وممارسة الرياضة .والنوم الكافي . والبقاء على اطلاع بالمهام المتعلقة بالمدرسة والعمل. وما إلى ذلك. فحين تشعر بالامتنان لحياتك وعلاقاتك فيها . على الأرجح أنك ستعتني بنفسك أكثر لتُظهر أفضل ما لديك.

وفي إحدى الدراسات. تبيّن أن أولئك الذين كتبوا عن الامتنان باتوا أكثر تفاؤلاً وأكثر إحساساً بالرضا عن حياتهم بعد مضيّ 10 أسابيع . كما أفادوا بأنهم يمارسون المزيد من التمارين الرياضية. وقلّت زيارتهم للأطباء مقارنةً بأولئك الذين ركّزوا على مصادر التأزّم في حياتهم .

5- يمكن للامتنان تحسين نوعية النوم والصحة البدنية:

أظهرت الدراسات أن الامتنان يعزّز الصحة الجسدية والنفسية . ما يعني أنه قد يساعد في تقليل الألم المزمن والتوتر والإرهاق ومشاكل النوم مثل الأرق وغيرها من الأعراض المرتبطة بالتوتر والاكتئاب.

إجمالاً: تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الممتنين أقل عرضةً للمعاناة من مشاكل النوم المرتبطة بالإجهاد . وقد يستفيدون كذلك من امتلاك أجهزةٍ مناعيّةٍ أقوى . حتى إن إحدى الدراسات وجدت أن تخصيص مفكرة يوميّة للامتنان قد يحسّن المؤشرات الحيوية المرتبطة بمرض قصور القلب، مثل تقليل الالتهاب.

كيف تمارس الامتنان:

يمكنك ممارسته بالقيام بما يأتي:

• الاحتفاظ بمفكرةٍ يوميّةٍ للامتنان (دوّن الأمور التي تُشعرك بالامتنان يوميّاً).
• التعبير عن تقديرك لوجود الآخرين في حياتك من خلال إرسال رسائل شكرٍ خطيّة لهم مثلاً أو عبر البريد الإلكتروني أو من خلال امتداحهم .
• أداء الصلاة وممارسة التأمّل لتدريب نفسك على أن تكون أكثر تيقّظاً (حضوراً) وتفاؤلاً.
• محاولة استحضار ما يشعرك بالدفء والسعادة كل يوم.

خاتمة

• يُعرّف الامتنان على أنه “صفة الشّكر”. ما أهميّة الامتنان؟ يسهم الامتنان في زيادة السعادة والإيجابية وتقدير الذات، ويوطّد العلاقات ويعزّز الرعاية الذاتية.

• تظهر الأبحاث أن الشعور بالامتنان يمكن أن يقي من مشاكل عديدة مثل الاكتئاب والحسد والقلق والأرق والألم. ومشاكل مرتبطة بالعلاقات.

• إليك سُبُل ممارسة الامتنان: احتفظ بدفتر يوميات لتدوين بعض “الأشياء البسيطة المبهجة في حياتك اليومية”. اكتب “ثلاثة أشياء جيدة” حدثت خلال يومك. أرسل رسائل تقدير للآخرين أو أكثِر من مدحهم. وتخيّل كيف ستكون حياتك دون وسائل الراحة اليومية أو دون الأشخاص المميزين من حولك.