غسل اليدين بالماء البارد: هل يقضي على الجراثيم؟

إذا كنت في مكانٍ لا يتوفّر فيه الماء الساخن لسببٍ ما. واضطررت إلى غسل اليدين بالماء البارد فقد يتولّد لديك شعورٌ غامضٌ أنهما لم تنظفا جيداً. ربما يعود ذلك إلى أن معظمنا تعلّم في الحضانة أن الغسيل بالماء الساخن والصابون ضروريٌّ لقتل الجراثيم. وقد ترسّخ هذا الاعتقاد حتى إن لوائح الحكومة الأميركية أوصت باستخدام الماء الساخن لصحة المواطنين وسلامتهم.

حتى أن استعمال الماء الساخن في غسل اليدين قد يبدو أكثر فعاليةً من استعمال الصابون مع الماء البارد. ولكن هل ثمّة دليلٍ علميٍّ حقيقيِّ يُثبت صحة ذلك؟

أكّدت دراسةٌ أميركيةٌ لباحثين من جامعة روتجرز في ولاية نيوجرسي أن فاعلية الماء البارد كالساخن تماماً في القضاء على الجراثيم. إذ أن الأمر يعتمد على طول مدة غسل اليدين وطريقة القيام بها.

وقد شملت الدراسة التي تم نشرها في مجلة حماية الغذاء (Journal of Food Protection) ٢١ مشاركاً تم مراقبتهم على مدى ٦ أشهر. إذ غسل المشتركون أيديهم بالماء والصابون باستخدام ماء بدرجة حرارةٍ مختلفةٍ في كلّ مرة إما ١٦ أو ٢٦ أو ٣٨ درجة مئوية.

وخَلُصت الدراسة إلى أن درجة حرارة الماء ليس لها تأثيرٌ كبيرٌ على قتل الجراثيم. كما أن استخدام مضاد للميكروبات لم يكن أكثر فعاليةً من استخدام الصابون العادي في الوقاية من الجراثيم والبكتريا.

ووجد الباحثون أن غسل اليدين مدة خمس ثوانٍ لا يكفي لقتل الجراثيم. في حين أن فرك اليدين مدة عشر ثوانٍ فعّالٌ تمامً للتخلص من الجراثيم.

غسل اليدين

كيفية غسل اليدين بشكلٍ فعّالٍ

إنّ مدة عشر ثوانٍ لغسل اليدين هي الحد الأدنى من الوقت اللازم لقتل الجراثيم. بيد أنه قد يلزم في بعض الأحيان إطالة تلك المدة أو استخدام طرقٍ مختلفةٍ. مثل غسل اليدين بعد تقطيع دجاجةٍ نيئةٍ أو بعد العمل في حديقة المنزل مدةً طويلةً. ففي هذه الحالات لن تكون مدة عشر ثوانٍ من الغسل مجديةٌ. خاصةً إذا كنت ما تزال ترى بقايا الأوساخ على يديك أو تشعر بها.

وفقاً للخبراء فإن لكل شيءٍ طريقةً صحيحةً وأخرى خاطئةً للقيام به. وعندما يتعلق الأمر بتنظيف اليدين، خاصةً إذا كانتا متسختين جداً. هناك إجراءٌ بسيطٌ ومضمونٌ يتمثّل في أداء أغنية “عيد ميلاد سعيد” مرتين أثناء غسل اليدين.

وقد أوردت منظمة الصحة العالمية طريقةً فعّالةً لغسل اليدين:

  • بلل يديك وضع كميةً كافيةً من الصابون.
  • اشبك أصابعك وافرك راحتي يديك معاً.
  • افرك راحة كل يد بظهر اليد الأخرى وادعك بين الأصابع.
  • خلّل ما بين الأصابع وافركها من الجهتين في كلتا اليدين.
طريقةً فعّالةً لغسل اليدين

قبل أن تشطف يديك من الصابون. افرك كفيك بأطراف الأصابع ثم اشطفهما جيداً بالماء الدافئ أو البارد.

وتنصح خدمة الصحة الوطنية NHS باستخدام “مقشر اليدين” المعتمد على الكحول. إذا لم يتوفّر الماء والصابون. ثم تجفيف اليدين جيداً بمنشفةٍ يمكن التخلص منها إن أمكن. ومن الأفضل استعمال المنشفة الورقية لإغلاق الصنبور ولفتح الأبواب إذا كنت في دورة مياه عامة.

هناك ما هو أكثر من مجرّد “جراثيم” بسيطة

قد يكون لاستخدام الماء الفاتر أو حتى البارد لغسل اليدين العديد من المزايا. مثل الحد من الوقت الذي تستغرقه المياه لتسخن. الأمر الذي يوفر المال والطاقة. خاصةً في المطاعم والمؤسسات الغذائية الأخرى. بالإضافة إلى أن استخدام الماء الساخن جداً قد يكون مزعجاً ومضراً للجلد.

إلا أن بعض الجراثيم أكثر خطورةً من غيرها. وقد يكون بعض الناس مثل الأطفال والرضع وكبار السن أكثر عرضةً لالتقاط العدوى وإنتشارها.

وفيما يلي حالاتٌ أوردتها خدمة الصحة الوطنية NHS تتأكد فيها أهمية غسل اليدين بشكلٍ خاصٍ:

  • بعد استخدام المرحاض.
  • بعد التعامل مع الأطعمة النيئة – ليس فقط الدجاج واللحوم الأخرى ولكن أيضاً الخضار النيئة.
  • قبل تناول الطعام حتى لو كان “جاهزًا للأكل”.
  • بعد لمس الحيوانات بما في ذلك الحيوانات الأليفة.
  • بعد زيارة شخص ما في المستشفى أو أي مكانٍ آخر للرعاية الصحية.

ويزيل غسل اليدين بشكلٍ صحيحٍ الأوساخ والبكتيريا والفيروسات التي قد تنتقل إلى الآخرين. والتي يمكن أن تسبب الإصابة بالأنفلونزا والتسمم الغذائي والإسهال.

ويوضح البروفيسور جيريمي هوكر استشاري الأوبئة في الصحة العامة بإنجلترا ذلك بقوله:

“تتلوث الأيدي بسهولةٍ بالبكتيريا البرازية (البراز) عند الذهاب إلى المرحاض. ويَسهُل انتقال هذه البكتريا إلى كلّ ما تلمسه بما في ذلك الطعام. للأسف فإن كثيراً من الأشخاص لا يغسلون أيدهم جيداً بعد الذهاب إلى المرحاض أو قبل تناول الطعام. رغم أن غسل اليدين بالماء والصابون كافٍ لإزالة الأوساخ والفيروسات والبكتيريا. ويمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالإسهال بنسبة تقرب من 50%”.

هل الصابون المضاد للبكتيريا آمن؟

تستخدم العديد من المنازل والمستشفيات والفصول الدراسية الصابون المضاد للبكتيريا. الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى فعاليته وسلامته للبشرة.

إن أول من طرح صابون مضادٍ للبكتيريا هي شركة Dial في الأربعينيات. وكان يحوي مادة سداسي كلوروفين الكيميائية. وهو عاملٌ مضادٌ للجراثيم ثبت أنه يسبب تلفاً في الدماغ عند الرضع. فأمرت الشركة بسحبه من الأسواق على الفور.

وبعدها تم ابتكار مادةٍ كيميائيةٍ أخرى تسمى التريكلوسان وقيل إنها “تقتل الجراثيم بمجرد ملامستها البشرة”. قد يكون ذلك صحيحاً إلى حدٍ ما. لكن أثرها لم يتوقف عند قتل الجراثيم بل أتلفت عناصر أخرى ذات أهمية.

ثم بدأ الصابون “المضاد للبكتيريا” بالظهور في كل مكان. وزعمت الشركات أنه “يجعل بيئتك أكثر أماناً ويوفر طبقةً إضافيةً من الحماية ضد المرض”.

واستمر ذلك إلى أواخر عام ٢٠١٣ حين قررت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تفحّص مادة التريكلوسان مجدداً. فلاحظت وجود مشكلتين منفصلتين:

التداخل المحتمل مع مستويات الهرمون لدى حيوانات المختبر.

زيادة نمو البكتيريا المقاومة للأدوية.

وبعد بضعة أيام قدموا بياناً مفاده أن لا دليل على أن “منتجات الصابون المضادة للبكتيريا التي لا تستلزم وصفة طبية (OTC) أكثر فاعليةً في الوقاية من المرض. من الغسل بالماء والصابون العادي”.

مخاطر التريكلوسان

لا ينصح الخبراء باستخدام الصابون المضاد للبكتيريا الذي يحتوي على التريكلوسان على الجروح والخدوش. لأنه يطيل التئام الجروح ويزيد من خطر تشكّل الندوب. وقد أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيعمل على استبعاد مادة التريكلوسان من منتجات النظافة تدريجياً لأن مخاطره تفوق فوائده.

ومن بين المخاطر التي قد تتسبب بها مادة التريكلوسان:

  1. زيادة خطر الإصابة بالسرطان
  2. التأثير على تقلص العضلات ونشاطها
  3. اضطراب هرمون الغدد الصماء
  4. تعطّل وظيفة الغدة الدرقية
  5. زيادة الحساسية من الفول السوداني وحمى الكلأ

خلاصة القول أنه إذا لم يتوفر سوى الماء البارد فإن غسل اليدين باستخدام طرق تنظيف مناسبةٍ مدة عشر ثوانٍ على الأقل. واستخدام صابونٍ بسيطٍ لا يحوي على مواد “مضادة للبكتيريا” كافٍ لتنظيف اليدين وقتل الجراثيم.

شاهد ايضاً: الغصّة في الحلق

المقالات ذات الصلة

زيادة فوائد الكركم

مخاطر البوتوكس

علاج الشفاه المتشققة

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقرأ المزيد