الأكل بشكلٍ متكرّرٍ معاكسٌ لغريزة البقاء

قد يظنّ البعض حالما يسمعون بالصيام للمرة الأولى أنّه يعني التضوّر جوعاً وأنه معاكسٌ لغريزة البقاء. إلا أن الأكل بشكلٍ متكررٍ هو ما يعاكس غريزة البقاء في الواقع.

فبالنظر إلى حياة الكثير من الحيوانات البريّة نجد أنّهم لا يواصلون الأكل طوال اليوم. فيمكن للأسد مثلاً أن يلتهم ٤١ كغ من اللحم في وجبةٍ واحدةٍ، ولكنه مع ذلك قد يصمد لأسابيع دون أيّ طعام. وكذلك الدببة تقضي فصل الشتاء بأكمله دون تناول الطعام أو شرب الماء. ففي فترة السّبات الشتوي تنخفض لديها عملية الأيض إلى النصف تقريباً. ويتشابه البشر مع الحيوانات إلى حدٍّ كبيرٍ في أثر الصيام عليهم.

وتميل الحيوانات المنزلية التي يتم إطعامها عدة مراتٍ في اليوم إلى السّمنة. في حين أنّ الحيوانات البريّة التي تمتاز بالبدانة كالبطاريق والفقمات والحيتان تكون أجسامها مغطاةً بطبقة دهون حتى لا يُقضى عليها في المياه المتجمّدة. إلّا أنّ أجسامها لا تحوي على أيّ دهونٍ حشويّةٍ حول الأعضاء كتلك الموجودة لدى البشر.

المشكلة في الأكل بشكلٍ متكرّرٍ

ولم تبدأ معاناة البشر من الأمراض المزمنة إلا خلال العشرة آلاف سنة الماضية بعد ما اندلعت الثورة الزراعية.

فقد أصبح هناك اليوم متاجر مفتوحة على مدار الساعة تزوّد الراغبين في أيّ وقت بأطعمةٍ سريعةٍ تُمدّهم بالطاقة. ولا يخلو منزلٌ من العديد من الثّلاجات والبرّادات وحافظات الطعام التي تذخر بمختلف الأطعمة ولا تنفد أبداً. وهكذا يشتدّ الإغراء لتناول المزيد من الطعام خاصةً لدى ضعيفي الإرادة.

وتكمن المشكلة في الأكل بشكلٍ متكررٍ أنّ أجسامنا باتت تستمدّ الطاقة من حرق الغلوكوز بدلاً من حرق الدهون. لذا فإن الأكل بشكلٍ متكررٍ يُحدث اضطراباً دائماً في مستويات السكر في الدم. فبمجرّد تناول أي نوعٍ من الطعام يرتفع سكر الدم فيرتفع الأنسولين ليخفّض من مستوى السكر في الدم. ويؤدي هبوط الدم بدوره إلى الشعور بالجوع مجدّداً. فتتولّد رغبةٌ ملحّةٌ في الاستمرار في تناول الكربوهيدرات طوال اليوم نتيجةً للشعور الدائم بالجوع.

وسرعان ما يتحوّل الأمر إلى عادة. فتأخذ مستويات الأنسولين بالارتفاع شيئاً فشيئاً ما يؤدي إلى حدوث مقاومة الأنسولين مع كلّ ما يرافقها من أعراض. كالنهوض للتبول عدّة مراتٍ ليلاً والشعور بالتعب بعد الأكل وتراكم الدّهون حول البطن وارتفاع مستوى سكر الدم. وحدوث الالتهابات وضعف الرؤية وتشوّش الذهن وغير ذلك.

لذا فإن التوافر الدائم للطعام إلى جانب الرغبة الملّحة في الاستمرار في تناوله أمرٌ مدمّرٌ للصحة.

الأكل بشكلٍ متكرّرٍ معاكسٌ لغريزة البقاء

إنّ عادة تناول الطعام بشكلٍ متكررٍ تتعارض بشدّة مع التركيب الجينيّ للجسم. فالهرمونات المسؤولة عن إنتاج الوقود وحرق الدهون تفوق الهرمونات المسؤولة عن تخزين الوقود بكثير.

الأكل بشكلٍ متكرّرٍ

وإليكم الهرمونات المسؤولة حرق الدهون لإنتاج الطاقة خلال فترة الصيام أو الامتناع عن الطعام بين الوجبات:

في حين أن الجسم لا يُفرز إلا هرموناً واحداً لتخزين فائض الوقود وهو الأنسولين. وهذا يعني أن طبيعة الجسم تتعارض مع عادة الأكل المتكرّر.

ومن هنا نستخلص أن الصيام ينطوي على فوائد جمّة لصحة الجسم. فهو يساعد على التخلّص من الشعور المستمر بالجوع والرغبة الملحّة في تناول المزيد من الطعام. كما يساعد على التحلّي بضبط النفس وقوة الإرادة رغم كثرة المغريات من حولنا.

شاهد الفيديو من هنا: https://youtu.be/RZKyCLG-ddg

المقالات ذات الصلة

ماذا سيحدث إذا توقفت تمامًا عن تناول الطعام لمدة سبعة أيام؟!

الدورة الشهرية وعلاقتها بالأستروجين

تناول البروتين حسب مشاكلك الصحية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقرأ المزيد