يثير احتمال الإصابة بكوفيد-19 مجدداً بعد التعافي قلقاً عارماً لدى الكثيرين، فقد باتوا يتخوّفون من الأنباء التي تُروِّج لاحتمال الإصابة به مراراً وتكراراً. فما القول الفصل في هذا الشأن؟ هل توفّر الإصابة بعدوى فيروس كورونا بعض المناعة لفترةٍ من الزمن؟ وهل يمكن الإصابة بفيروس كورونا أكثر من مرة؟
ما هو فيروس كورونا (كوفيد-19)؟
فيروس كورونا هو مجموعة من الفيروسات التي يمكن أن تسبب عدداً من الأمراض، بدءاً من التهابات الجهاز التنفسي الخفيفة حتى أمراض أكثر خطورة، مثل المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرز). وكوفيد-19 هو سلالة جديدة من فيروس كورونا ظهرت مؤخراً لدى البشر، وثبت أنه قابلٌ للانتقال بشكلٍ كبيرٍ، كما تشير الأبحاث إلى أنه الأكثر عدوى في مراحله المبكرة. وغالباً ما تكون أعراض فيروس كورونا خفيفة ومماثلة لأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، بما في ذلك نزلات البرد. وفي حين أن بعض الأشخاص قد لا تظهر عليهم أي أعراض، إلا أن الأعراض عادةً ما تظهر خلال ثلاثة أيام إلى 13 يوماً بعد الإصابة بالفيروس.
وتنجم أعراض فيروس كورونا عن الاستجابة المناعية التي تسمى السيتوكينا، فالسيتوكينات هي جزء من دفاع الجهاز المناعي في مواجهة مسببات الأمراض والأجسام الغريبة التي تخترق الجسم، فالمسؤول عن أعراض فيروس كورونا ليس الفيروس بحدّ ذاته، بل إنّ استجابة الجهاز المناعي للفيروس هي ما تتسبّب في ظهور الأعراض، وتنجم المضاعفات الخطيرة لفيروس كورونا عن المتلازمة الأيضية التي تحدث بسبب مقاومة الإنسولين. وترتبط مقاومة الإنسولين بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب واضطرابات سكر الدم كما في مرض السكري.
هل يمكن الإصابة بفيروس كورونا مجدداً بعد التعافي؟
يواصل العلماء بحثهم الحثيث لاكتشاف كل ما يمكنهم اكتشافه حول فيروس كورونا، بدءاً من كيفية ظهوره في الجسم إلى طرق انتشاره وانتقاله من شخصٍ لآخر. وفي إحدى الدراسات التي تم إجراؤها عن احتمال الإصابة بعدوى كوفيد-19 مجدداً، شملت الدراسة 43 ألف شخص أجروا اختبار الأجسام المضادة لكورونا وأظهرت نتائج اختباراتهم أجساماً مضادةً إيجابيةً (أي أنهم أصيبوا بالعدوى)، واستمرت الدراسة في تتبع حالتهم على مدى 35 أسبوعاً. وخلصت هذه الدراسة إلى حدوث حالتي إصابة ثانية بالفيروس من أصل 10 آلاف إصابة.
وبهذا فعند الإصابة بكوفيد-19 وتوفّر الأجسام المضادة له في الجسم، فإن احتمال الإصابة به مجدداً لا تتعدّى 2 من 10 آلاف. وتشير الدراسة إلى أنّ الإصابة الثانية بفيروس كورونا أخفّ حدةً من الأولى، إذ لم يتم تسجيل إلا حالة واحدة خطيرة الشدّة، واثنتين متوسطتي الشدة، في حين لم يكن أي منها قاتلاً. وقد تم تشخيص معظم حالات العدوى الثانية، أي 66.7%، من قبيل الصدفة، وذلك من خلال الاختبارات العشوائية أو الروتينية.
شاهد أيضاً : ماذا نفعل عند ظهور أول أعراض كورونا؟
كم تدوم المناعة ضد كورونا بعد الإصابة أول مرة؟
توصلت دراسة حديثة إلى أن عدوى فيروس كورونا توفّر بعض المناعة لمدة زمنية معينة، إذ تضمن الإصابة الأولى بالعدوى حماية قوية ضد الإصابة بها مجدداً بفعالية تصل إلى 90% لمدة سبعة أشهر على الأقل. ويشير ذلك إلى نمو مناعة حصينة فعّالة تلي الإصابة الأولى بالعدوى، ما يجعل الإصابة بالعدوى مرةً ثانيةً أمراً نادر الحدوث.
وقد حذّرت هيئة الصحة العامة في إنجلترا (PHE) .من أنه بالرغم من أن الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة لديهم حماية من الإصابة بمرض كوفيد-19. إلا أن الأدلة تشير إلى أن بعض الأشخاص قد يحملون مستويات عالية من الفيروس. ويمكن أن يستمروا في نقل الفيروس للآخرين. ولهذا فمن المهم أن يستمرّ الجميع في اتباع قواعد الوقاية والبقاء في المنزل، حتى لو سبق لهم الإصابة بكوفيد-19.
لماذا قد تتكرر الإصابة بالعدوى رغم تشكيل المناعة أجساماً مضادة؟
بعد وقت قصير من الإصابة بالفيروس في الحالات الطبيعية، يتعرف الجسم على الفيروس ويخرجه بسرعة إذا تعرّض له مرة أخرى. ولكن لسوء الحظ، فإن فيروسات الحمض النووي الريبي (RNA) مثل فيروسات الإنفلونزا وسارس كوفيد 2 التي تسبّب مرض كوفيد-19. ترتكب أخطاء لأنها تنسخ نفسها. وعندما تتكاثر ملايين المرات، تتراكم هذه الأخطاء وتغيّر في نهاية المطاف بعض البروتينات التي يصنعها الفيروس. فإذا حدثت تغييرات كافية، قد لا يتمكن الجسم من محاربة الفيروس الجديد المعدّل إذا ما تعرّض له.