التهاب المعدة

تُصنف أمراض الجهاز الهضمي بما فيها التهاب المعدة و القرحة المعدية من ضمن الأمراض السيكوسوماتية ذات المنشأ النفسي، إذ يلعب الضغط و التوتر المستمرين دوراً أساسيا في ضعف المعدة و إصابتها بالأمراض المختلفة. و لكن كيف يؤثر الاجهاد المستمر وارتفاع الكورتيزول الدائم على صحة المعدة خاصة و الجهاز الهضمي عامة؟ و ما هي العلاجات الطبيعية التي تساعد في شفاء أمراض المعدة و تسرّع عملية الشفاء؟

التهاب المعدة هو التهاب أو تهيج أو تآكل في بطانة المعدة . يمكن أن يحدث فجأة و يكون الألم حاداً أو تدريجيًا مع آلام مزمنة.

أعراض التهاب المعدة

تتعدد أعراض الإصابة بالتهاب المعدة لكن أكثر ما يمكن أن يميز التهاب المعدة هو الأعراض التالية:

• عسر الهضم.
• إقياء سائل أصفر وأخضر اللون وهو العصارة.
• الشعور بالغثيان.
• نقص الشهية.
• ألم في البطن وخصوصاً في القسم العلوي.
• الشعور بحرقة وخصوصاً في الليل وبين الوجبات عند ارتجاع الحمض أو الشعور بحرقة المعدة.

كيف يتم الكشف عن التهاب المعدة

عادةً ما يُنصح بتناول محمّض بيتين هيدروكلوريد أو خل التفاح ولكن ليس عند التهاب المعدة فالأمر مختلف لأن تناول الحمض في هذه الحالة يسبب تفاقمها، لذا فإن أحد الأمور البسيطة التي يمكن أن نكشف عن التهاب المعدة من خلالها تكون بتناول بعض الحمض كخل التفاح أو بيتين هيدروكلوريد وترقّب أثره على المعدة، فإذا تفاقمت الحالة فهذا يشير إما إلى التهاب المعدة أو القرحة، أما إذا تحسنت يمكن أن نستدل بأن السبب ما هو إلا نقص الحمض، فعادةً ما تتحكم درجة الحموضة  بإغلاق الصمام أعلى المعدة ولهذا فإن ضعف تركيز الحموضة وكونها أقرب إلى القلوية يؤدي إلى عدم انغلاق الصمام كما يجب وارتجاع الحمض من خلاله.

أسباب التهاب المعدة

ثمة عدة أسباب مختلفة لالتهاب المعدة عادةً ما يصف الطبيب مضادات الحموضة لالتهاب المعدة التي لا تعالج إلا الأعراض ولكن ماذا عن السبب الحقيقي؟

إليكم عدة مسببات وراء التهاب المعدة:

• الكحول و الأسبرين.
• مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
• جرثومة المعدة التي قد ترتبط بالتهاب المعدة.
• إلا أن هناك سببين يجب التركيز عليهما وهما الكورتيزول والعصارة.

أولاً: كيف يؤثر الكورتيزول (هرمون الإجهاد) على المعدة

يعد الكورتيزول الهرمون الذي يتحفز بالتعرض للتوتر ولهذا يسبب الكورتيزول ازدياد أحماض المعدة حتى عندما تكون خالية من الطعام وبالتالي تآكل المعدة لأنه قد يؤثر على غشائها المخاطي وهي البطانة المخاطية التي تحمي المعدة وهكذا فإن تآكل هذه البطانة يؤدي إلى الالتهاب وقد يترتب عليه حدوث القرحة و هذا ما يفسر دور التوتر في الإصابة بالقرحة. ثمة نوعان من القرحة هما:

1- قرحة كيرلنغ نسبة لاسم الطبيب الذي اكتشفها وتُسمى أيضاً قرحة الشدة و يحدث ذلك بطريقتين:

• تأثير الكورتيزول و دوره في تلف بطانة المعدة.
• استنزاف الكورتيزول للزنك وبالتالي ضعف القدرة على التعافي والإصابة بالقرحة.

2- قرحة كوشينغ التي ترتبط بمتلازمة كوشينغ الناتجة عن ارتفاع مستوى الكورتيزول.

تحدث الإصابة بهذا النوع من القرحة بسبب فرط تحفيز العصب الحائر وهو ما يسبب زيادة العصارة الهضمية وبالتالي الإصابة بالقرحة.

 وعموماً فإن ارتفاع الكورتيزول بفعل التعرض للتوتر العاطفي أو غيره يسبب التهاب المعدة والقرحة مع العلم أن الكورتيزول في الأصل يجب أن يكون مضاد التهاب ولكن كيف يمكن لارتفاعه أن يسبب انتشار الالتهاب؟ يبدو الأمر شبيهاً بآلية الإنسولين فازدياد الإنسولين يؤدي إلى انعدام فعاليته وبالتالي مقاومة الإنسولين وتوقف وظيفته تماماً والأمر نفسه مع الكورتيزول فارتفاع مستويات الكورتيزول يقلل من فعاليته وبدلاً من محاربته الالتهاب فإنه يتسبب بمزيد من الالتهاب، لهذا عند دراسة ارتفاع مستويات الكورتيزول كما في متلازمة كوشينغ نلاحظ وجود عدة مشكلات التهابية والأمر نفسه عند انخفاض الكورتيزول كما في مرض أديسون الذي يترتب عليه الكثير من الالتهاب. كما يؤثر الكورتيزول أيضاً على الجهاز المناعي فارتفاع الكورتيزول يسبب كبح الكريات البيض إذ أن عدم توفر الكثير من الكريات البيض الفعالة يؤدي إلى تراجع الحماية المناعية و تراجع عمليات الإصلاح نظراً لعدم حدوث الالتهاب اللازم للمساعدة في عملية التعافي.

ثانياً: كيف تؤثر العصارة على المعدة

إن ارتجاع العصارة من المعدة كما يحدث عند الارتجاع الصفراوي يؤدي إلى الشعور بحرقة في المعدة فالعصارة أشبه ما تكون بمسحوق مطهر إذ أنها تهيج بطانة المعدة والكبد لذا فإن تراكم العصارة يؤدي إلى الالتهاب وغالباً ما يكون تراكم العصارة بسبب حدوث انسداد في القنوات الصفراوية. و كحل بسيط لذلك يمكن استخدام الأملاح الصفراوية والنوع الذي يُنصح به  TUDCA وذلك بتناول كبسولتين صباحاً واثنتين مساءً على معدة فارغة لأنها تعزز تدفق العصارة وتقلل من ارتجاع الحمض من المعدة فمن الصعب جداً التمييز بين  ارتجاع الحمض (GERD) وارتجاع العصارة إلى المريء لأن ارتجاع الحمض أو العصارة إلى المريء يسبب الأثر نفسه ولكن عند الشعور بتحسن فور تناول TUDCA فإن ذلك يشير إلى أن المشكلة في العصارة وذلك بسبب ازدياد تركيزها وما يترتب عليه من ركود وانسداد في القنوات حيث تساهم أملاح TUDCA في التقليل من تركيز العصارة .

ماذا نفعل عند الإصابة بالتهاب المعدة؟

هناك مجموعة من الخطوات اللازم اتباعها للتغلب على مشاكل المعدة والتهابها:

• الحد من التعرض للتوتر قدر الإمكان الأمر الذي قد يبدو سهلاً للبعض ولكنه ليس كذلك بالقدر الذي تظنون إذ يلزم اكتساب المزيد من المهارات للتعامل مع الضغوط و التوتر الناجم عنها.
• تعزيز مدة النوم لأن ذلك يخفف من الكورتيزول بشكل كبير.
• تناول فيتامين D لأنه يساعد في التخفيف من الكورتيزول.
• يساعد كارنوزين الزنك في حالات التهاب المعدة.
• تناول جميع ما يعزز الغدة الكظرية كالأدابتوجين (المكيف الطبيعي) والمليسة (بلسم الليمون).
• حمية الكيتو التي تساعد على الانتقال من حالة الكر والفر.
• يساعد الصيام على شفاء الالتهاب أكثر من أي شيء آخر وكذلك الأمر بالنسبة لفيتامين D فكلاهما مضادا التهاب شديدا الفعالية.
• يُنصح بلبان المستكة عوضاً عن المقلونات لأنه طبيعي كما أنه يساعد في التخفيف من الحموضة أثناء محاولة حل المشكلة الجذرية ولكن قبل الأخذ بأي مما سبق عليكم باستشارة الطبيب.

قد يتجلى التهاب المعدة من خلال أعراض متجانسة من القيء و الغثيان و الحرقة، ولكن ظهور هذه الأعراض يجب ألا يشغلنا عن السبب الرئيسي المسبب لها إذ يمكن لبعض التغيرات على المستوى الشخصي و اكتساب بعض المهارات أن تساعد على مواجهة التوتر والتقليل من ظهور الأعراض بل و والتخلص منها تماماً، إذ أن السبب الجوهري لهذه الأعراض قد يكون بسبب التعرض للضغط و التوتر الدائمين وإبقاء الجسم في حالة من الإجهاد المزمن و المتكرر الذي يظهر أخيراً من خلال مشاكل جسدية غير قابلة للعلاج الدوائي التقليدي.