كثيراً ما تتفوق الأعشاب الطبيعية على الأدوية الكيميائية. من حيث قدرتها العلاجية وربما تأثيراتها الجانبية التي تكاد تنعدم أحيانا في مقابل التأثيرات الجانبية للأدوية. وهذا ما جعلها أكثر شعبية وإقبالاً من قبل الأشخاص حول العالم. قد توجهت طائفة من علماء الكيمياء والصيدلة إلى الغابات. لدراسة الخواص الكيميائية التي تتمتع بها النباتات الطبيعية بدلاً من التوجه للمخابر لدراسة الخواص الكيميائية للمحلولات الكيميائية المختلفة. من المذهل حقاً ما تقدمه بعض الأعشاب من فوائد عظيمة. بسبب تركيز المغذيات والمركبات الطبيعية ذات الخواص العلاجية التي تحتوي عليها. تعد السبيرولينا من هذه النباتات الجديرة بالذكر نظراً لفوائدها الكبيرة. إذ تعد من أهم العناصر الغذائية التي يجب أن تتضمنها وجبة رواد الفضاء. ولكن لماذا؟ إليكم هذا المقال للتعرف على فوائد السبيرولينا.
ما هو السبيرولينا؟
السبيرولينا هي نوع من الطحالب الدقيقة ذات اللون الأزرق والأخضر. التي تنمو في كل من المياه العذبة والمالحة ويستهلكها البشر والحيوانات على حد سواء. تزرع السبيرولينا في جميع أنحاء العالم. وتستخدم كمكملات غذائية (على شكل أقراص وقشور ومسحوق) وحتى كطعام كامل – ويمكن أن تستخدم أيضاً كعلف للماشية والأسماك.
يمكن العثور على السبيرولينا في شرق إفريقيا والمكسيك ووسط إفريقيا. وتحتوي السبيرولينا على ثروة من البروتينات والمعادن المختلفة والفيتامينات والأحماض الأمينية الأساسية والأحماض الدهنية الأساسية وأحماض أوميغا 3 الدهنية. كما تعد سبيرولينا بلاتنسيس -إحدى أنواع السبيرولينا- واحدة من أغنى مصادر البروتين في العالم.
يستخدم مسحوق سبيرولينا كمكمل غذائي عام، ويمكن تناوله أيضًا لتحسين الأداء على المستويين العقلي والجسدي. خاصةً في فترات التعب أو بعد الشفاء من المرض. كما يمكن تناول النبات بشكله العضوي. إذ تتمتع السبيرولينا بطعم مر، لذلك غالبًا ما يتم خلطها مع الزبادي والعصائر لتحسين مذاقها.
فوائد السبيرولينا
للسبيرولينا فوائد عديدة. نظراً لكثافة المغذيات الطبيعية فيها. ويمكن تعداد بعض فوائدها على الشكل التالي:
أولاً: إزالة السموم والمعادن الثقيلة (خاصة الزرنيخ)
تؤثر سمية الزرنيخ المزمنة على الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تعد الولايات المتحدة واحدة من الدول التي ينتشر فيها الزرنيخ غير العضوي بمستويات عالية.
تعتبر سمية الزرنيخ مشكلة أكبر في الشرق الأقصى. فعلى حد تعبير الباحثين البنغلاديشيين. يستهلك ملايين الأشخاص في بنغلاديش والهند وتايوان وتشيلي كميات كبيرة من الزرنيخ. من خلال مياه الشرب و بتركيز عالٍ، وقد أصيب الآلاف منهم بالتسمم المزمن بالزرنيخ.
في الواقع، أظهر ما يصل إلى 3% من مواطني دولة بنغلاديش بأكملها علامات سريرية للتسمم بالزرنيخ. كما أشار باحثون بنغلاديشيون. أنه لا يوجد علاج محدد للتسمم بالزرنيخ، ولهذا قاموا بدراسة البدائل العلاجية المقترحة مثل الطحالب الخضراء المزرقة (السبيرولينا).
بعد إعطاء 24 مريضًا مصابين بالتسمم المزمن بالزرنيخ خلاصة سبيرولينا بمقدار (250 ملليجرام) بالإضافة إلى الزنك (2 ملليجرام) مرتين يوميًا. وبمقارنة النتائج مع 17 مريضًا تناولوا دواءً وهميًا وجد أن مزيج سبيرولينا والزنك كان ذا تأثير إيجابي على سموم الزرنيخ. إذ شهد المشاركون انخفاضًا بنسبة 47% في الزرنيخ في أجسامهم.
ثانياً: دعم الجهاز المناعي
تُعد السبيرولينا غنية بمجموعة من الفيتامينات والمعادن الضرورية للحفاظ على نظام المناعة الصحي، مثل فيتامينات E و C و B6 . ويرى الباحثون أن السبيرولينا تعزز إنتاج كريات الدم البيضاء والأجسام المضادة التي تحارب الفيروسات والبكتيريا في الجسم.
وتشير الدراسات المخبرية إلى أن السبيرولينا يمكنها محاربة الهربس، والانفلونزا ، و فيروس نقص المناعة المكتسب – على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لاختبار هذه الآثار على البشر.
ثالثاً: خفض ضغط الدم
يُعتبر الفيكوسيان صبغة موجودة في السبيرولينا وقد اكتشف العلماء أنها تمتلك تأثيرات خافضة للضغط. لذا فهي تخفض ضغط الدم. ويشير بعض الباحثين اليابانيين إلى أن استهلاك الطحالب الخضراء المزرقة (السبيرولينا) يساهم في علاج متلازمة التمثيل الغذائي.
قد يكون هذا جيداً للغاية لأن متلازمة التمثيل الغذائي أصبحت أحد الأسباب الرئيسية للأمراض التي يمكن الوقاية منها اليوم، فهي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية.
رابعاً: تخفيف أعراض الحساسية
التهاب الأنف التحسسي هو التهاب في المجاري الهوائية الأنفية ناتج عن مسببات الحساسية مثل الحيوانات أو حبوب اللقاح أو الغبار. يمكن استخدام السبيرولينا كعلاج بديل لتقليل أعراض رد الفعل التحسسسي. ويمكن أن تساعد في علاج انسداد الأنف والعطاس وسيلان الأنف والحكة.
خامساً: داء السكري
في دراسة أجريت عام 2008 على 37 شخصًا يعانون من مرض السكري من النمط الثاني، وجد الباحثون أن أولئك الذين تم إعطاؤهم مكملات السبيرولينا لمدة 12 أسبوعًا قد شهدوا انخفاضاً كبيراً في مستويات الدهون في الدم.
في دراسة أخرى، تناولت 15 شخصًا مصابًا بمرض السكري ولم يستخدموا الأنسولين وداوموا على تناول 2 جم من السبيرولينا يوميًا على شكل مكمل لمدة شهرين. ولم يغيروا أي عوامل أخرى في نظامهم الغذائي أو أسلوب حياتهم. في نهاية فترة الدراسة لاحظ المشاركون انخفاضًا في مستويات السكر في الدم والكوليسترول والدهون الثلاثية.
سادساً: قد يحسن قوة العضلات والقدرة على التحمل
الضرر التأكسدي الناجم عن التمرين هو مساهم رئيسي في إجهاد العضلات. إذ تحتوي بعض الأطعمة النباتية على خصائص مضادة للأكسدة يمكن أن تساعد الرياضيين والأفراد النشيطين بدنيًا على تقليل هذا الضرر.
يبدو أن السبيرولينا مفيدة في منع حدوث هذا الضرر التأكسدي، إذ أشارت بعض الدراسات إلى تحسن قوة العضلات والقدرة على التحمل.
ووفقاً لبعض الدراسات ساهمت السبيرولينا في تعزيز القدرة على التحمل. وبالتالي طول المدة التي يقضيها الشخص في التمرين قبل الشعور بالإرهاق.
لماذا يتناول رواد الفضاء السبيرولينا؟
يواجه رواد الفضاء مشكلة استثنائية. إذ ينبغي عليهم وقاية أنفسهم من انخفاض كثافة العظام وضمور العضلات. واضطراب معدل الاستقلاب وضمور اللحم وتعطّل نظام القلب والأوعية وضعف المناعة. كما أن عليهم اصطحاب الأطعمة المحفوظة بسبب ضيق المكان وقلة التبريد. لذا ينبغي اصطحاب كل ما هو محفوظ أو مجفف أو مجفف بالتجميد. كما أنهم يستقرون في وسط مليء بالإشعاع. ويتحتم عليهم تنظيم كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون ودرجة الحرارة صناعياً لذا فإن أوساط رواد الفضاء خاضعة للتحكم بشدة.
وقد أجرت وكالة ناسا مشاريع بحث ضخمة في السبعينيات. وخلُصت إلى أن السبيرولينا هي إحدى الأطعمة الأكثر فعالية وتركيزاً والمتوفرة لخدمة البشرية. ووفقاً لناسا: فإن القيمة الغذائية لألف كغ من الخضار والفواكه تساوي ما يتمتع به 1 كغ من السبيرولينا. إذ تُعد السبيرولينا غنية بالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم وبيتا كاروتين والأحماض الأمينية الأساسية الثمانية. كما أنها تُعد حتماً إحدى الأطعمة الفائقة الغنية بالمغذيات إلى جانب احتوائها على نسبة من الحديد القابل للامتصاص وحمض الفوليك بنسبة امتصاص تفوق 6 أضعاف مكملات الحديد العادية وبالإضافة إلى المغذيات، فإنها تحوي الكثير من الكيميائيات النباتية والكلوروفيل الذي يتمتع بفوائد صحية تتعدّى ما فيها من فيتامينات ومعادن ومعادن نادرة.
إن غنى السبيرولينا بالمغذيات الطبيعية والعناصر الغذائية الأساسية الهامة لصحة الجسم قد جعلها إحدى الخيارات الأساسية لرواد الفضاء. وهذا ما يجعلنا نراجع قائمة طعامنا من جديد من أجل إغنائها ببعض الأطعمة الغنية للاستفادة من فوائدها كالسبيرولينا.
رواد الفضاء يتناولون السبيرولينا سأخبركم لماذا